تكلفة الميل الأخير (Last Mile): التحدي الأكبر في الشحن العالمي

في عالم اللوجستيات، يُعتبر “الميل الأخير” (Last Mile) هو المرحلة النهائية والأكثر حساسية في عملية التوصيل – وهي اللحظة التي ينتقل فيها المنتج من مركز التوزيع إلى باب العميل.
ورغم أنها قد تبدو بسيطة، إلا أن هذا الجزء الصغير من الرحلة يُمثل أكثر من 50% من إجمالي تكلفة الشحن في بعض الأسواق.
في هذا المقال، نغوص في تفاصيل الميل الأخير، ونستعرض التحديات التي تواجه الشركات، وكيف تُحاول التكنولوجيا حل هذه المعضلة.

١. ما هو الميل الأخير ولماذا هو مكلف؟

“الميل الأخير” هو المرحلة الأخيرة من رحلة المنتج، وهي المرحلة التي يكون فيها التوصيل فرديًا ومخصصًا لكل عميل.

أسباب التكلفة العالية:
– عدم وجود كثافة توصيل: خلافًا للشحن بالجملة، توصيل طلبات فردية يتطلب وقتًا وجهدًا أكبر.
– الازدحام المروري في المدن.
– نسبة الإرجاع المرتفعة في التجارة الإلكترونية.
– الحاجة لمندوبين مخصصين أو شبكات فرعية.

٢. الفروقات بين الأسواق: كم تبلغ تكلفة الميل الأخير؟

الدولة             | تكلفة الميل الأخير (لكل شحنة) | متوسط سرعة التوصيل
——————–|——————————|———————-
الولايات المتحدة   | 7 – 12 دولار                 | من يوم إلى 3 أيام
أوروبا الغربية     | 5 – 9 يورو                   | يوم إلى يومين
السعودية والخليج   | 15 – 25 ريال                 | من يوم إلى يومين
الصين              | 5 – 8 يوان (أقل من 5 ريال)   | أقل من 24 ساعة

الملاحظة المهمة: تكلفة الميل الأخير مرتبطة بوجود البنية التحتية الرقمية، وعدد مراكز التخزين، وأسلوب جدولة المناديب.

٣. التحديات اليومية في الميل الأخير

– العناوين غير الدقيقة: كثير من الدول تفتقر لنظام ترميز دقيق للمنازل، مما يؤدي لتأخيرات.
– الطلبات الفاشلة (Failed Deliveries): عندما لا يكون العميل متاحًا أو لا يرد.
– إعادة جدولة التوصيل = تكلفة مضاعفة.
– إرجاع الشحنات بسبب الدفع عند الاستلام (COD).

٤. الحلول الذكية لتقليل التكلفة

📌 التحسينات التقنية:
– تطبيقات التوصيل التي تعتمد على GPS وذكاء اصطناعي لتوجيه المندوب.
– التنبؤ بالطلب وإرسال الطرود لأقرب مركز قبل وصول الطلب.
– تخصيص مسارات المندوب حسب الوقت والازدحام.

📌 التحسينات التشغيلية:
– استخدام خزائن ذكية أو نقاط استلام مركزية (Pick-up Points).
– التحول إلى مدن مصغرة للتخزين داخل الأحياء.
– تشجيع الدفع المسبق لتقليل نسبة الرفض عند التسليم.

٥. من يُجيد اللعبة؟

– Amazon: تطبق خوارزميات لحظية لتغيير مسار المندوب خلال التوصيل.
– J&T Express (إندونيسيا – الشرق الأوسط): تقدم حلول مخصصة للميل الأخير بأسعار منخفضة.
– Noon Express: تحاول التوسع في المدن الثانوية لتقليل التكاليف والاعتماد على شركات توصيل طرف ثالث.

٦. دروس مهمة للمنطقة العربية

– كل دقيقة توصيل تُحسب ماليًا – يجب تقليل وقت “اللا إنتاجية”.
– تجزئة المدن إلى مناطق منطقية وتحليلها هو مفتاح النجاح.
– توظيف التكنولوجيا لا يعني استبدال البشر، بل تسريع أداء الفريق.

خاتمة

تكلفة الميل الأخير قد تكون كابوسًا تشغيليًا، لكنها في الوقت ذاته فرصة للتميّز. الشركات التي تستثمر في تقنيات التوصيل، تحليل البيانات، وتحديد الأولويات الجغرافية، هي من ستنجح في خلق تجربة عملاء ممتازة وربحية عالية.
التحدي ليس في الشحن نفسه… بل في التفاصيل الدقيقة التي تحدث عند الباب.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *