هل فعلاً السوق السعودي بحاجة إلى شركة شحن جديدة؟ تحليل صريح من الداخل

 

في كل فترة نسمع عن شركة شحن جديدة تدخل السوق السعودي، أو مستثمر يفكر في تأسيس مشروع لوجستي.

لكن السؤال الحقيقي الذي قلّ من يطرحه:
هل السوق فعلاً بحاجة إلى شركة جديدة؟ أم أن السوق مشبع؟

في هذا المقال، سنطرح تحليلًا صريحًا ومباشرًا عن واقع السوق السعودي في قطاع الشحن والتوصيل، من واقع ميداني وتجارب تشغيلية، بعيدًا عن الأرقام التجميلية أو العناوين التسويقية.

أولاً: هل السوق مشبع فعلًا؟

السوق من الخارج يبدو مزدحمًا، لكن إذا دقّقنا نجد التالي:

– يوجد أكثر من 100 شركة توصيل مسجلة، لكن عدد الشركات الفعّالة فعليًا لا يتجاوز 15–20 شركة.
– كثير من الشركات تعمل بدون أنظمة تشغيل حقيقية.
– التغطية غير متوازنة: المدن الكبرى مخدومة، لكن المحافظات الطرفية تعاني من ضعف التوصيل.
– خدمات ما بعد البيع سيئة في عدد كبير من الشركات.

إذن، المشهد الحقيقي ليس تشبع… بل تشبع ظاهري وضعف في الجودة.

ثانيًا: ما الذي ينقص السوق فعليًا؟

السوق لا يحتاج تكرار نفس النماذج، بل يحتاج:

1. شركات متخصصة حسب القطاعات:
– مثل شركات توصيل للمواد الغذائية، الأدوية، أو الأزياء فقط.
– التخصص يؤدي إلى تحكم أكبر في التكاليف وتحسين الجودة.

2. حلول تقنية متقدمة:
– شركات تملك نظام تتبع لحظي، تقارير أداء، وربط مباشر مع المتاجر.
– كثير من شركات التوصيل تعتمد على الإكسل والواتساب حتى الآن.

3. شركات تخدم التجار الصغار بمرونة:
– نموذج Drop-off Pickup أو الدفع عند التسليم برسوم واضحة.
– قطاع التجزئة يعاني من تجاهل واضح.

4. شركات تجمع بين Fulfillment و Last Mile:
– التجار يبحثون عن مشغل واحد يتولى التخزين، التجهيز، والشحن في وقت واحد.

ثالثًا: متى يكون دخولك منطقيًا ومطلوبًا؟

إذا كنت تنوي:
– تقديم خدمة متخصصة في منطقة أو قطاع معين.
– الدخول بنظام تشغيلي وتقني قوي منذ البداية.
– تقديم أسعار عادلة وجودة تنفيذ عالية.
– التركيز على السوق الصغير والعميل المهمل.

فهنا يصبح دخولك إضافة فعلية للسوق، وليس تكرارًا لمشكلة موجودة.

رابعًا: متى لا يُنصح بالدخول؟

إذا كانت فكرتك ببساطة هي:
– “بسوي مثل باقي الشركات”
– “أجيب مندوبين وأربطهم بتطبيق جاهز”
– “أشتري شاحنات وأجرب”

فأنت تدخل سوقًا تنافسيًا عاليًا بتكلفة تشغيل مرهقة، وفرصة فشل كبيرة.

الدخول بدون قيمة مضافة حقيقية = نزيف مالي.

خامسًا: فرص حقيقية تنتظر من يقتنصها

حتى الآن لا توجد شركات شحن قوية في:
– المدن الطرفية مثل (القنفذة، العلا، رفحاء…).
– الشحن الداخلي للمدن الصغيرة.
– خدمات التوصيل في نفس اليوم للمتاجر المحلية.
– حلول دفع واستلام فورية (COD–CC) بتقنية متقدمة.

كل هذه فجوات واضحة ما زالت تنتظر من يغطيها بذكاء.

السوق السعودي ليس مشبعًا… لكنه يعاني من تكرار بلا تميز.

الفرصة ما زالت قائمة، لكن بشرط:
– أن تبدأ بنموذج تشغيل مختلف.
– وأن تضيف للسوق قيمة… لا مجرد اسم جديد في القائمة.

فكّر بذكاء، وادرس السوق من الداخل، ولا تبدأ قبل أن تكتشف الفجوة التي ستبني عليها مشروعك.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *